وداعاً شاعر الأوكتوبريات محمد المكي ابراهيم

غيب الموت في العاصمة المصرية القاهرة ،أمس الأحد، الشاعر السوداني الكبير محمد المكي إبراهيم، أحد أبرز الأسماء في الشعر العربي الحديث، والذي ترك بصمة لا تخطئها العين في الساحة الأدبية.
وُلد محمد المكي ابراهيم في 10 مايو/أيار 1937 في مدينة الأبيض،وهو سليل عائلة الشيخ اسماعيل الولي مؤسس الطريقة الاسماعيلية ،كرّس حياته للثقافة والإبداع الأدبي والفكري، فكان أحد رموز الشعر السوداني الذي يعبّر عن هموم الوطن وآلامه وآماله.
تخرج محمد المكي من جامعة الخرطوم، حيث درس القانون،وعمل بالمحاماة فترة قصيرة ثم التحق بوزارة الخارجية وتدرج في المناصب حتى صار سفيراً ، اتجه إلى كتابة الشعر والنقد الأدبي منذ سنوات الأولى في الجامعة.
وتميّزت أشعاره بأسلوبها الفريد وعميق معانيها، حيث تناولت قضايا الهوية والمقاومة والأمل في زمن الصعوبات.
والأسبوع الماضي، اختارت لجنة المحكمين بالاتحاد العالمي للشعراء محمد المكي إبراهيم شاعراً للسودان للعام 2024.
ومُنح محمد المكي جائزة “شاعر السودان” من قبل الاتحاد العالمي للشعراء، مع ترشيحه لجائزة “شاعر العرب”، مما يبرز تأثيره الثقافي والإبداعي في العالم العربي. تأتي هذه الجائزة بعد تقييم عميق من قبل لجنة تحكيم مكونة من نقاد بارزين، حيث تم اعتبار إسهاماته الأدبية ذات تأثير كبير.
وجاء اختيار المكي في التوجيه الصادر من الاتحاد العالمي للشعراء عن طريق رئيسه عبدالله الخشرمي.
ويمثل رحيل محمد المكي خسارة فادحة للساحة الأدبية السودانية والعربية، إذ كان رمزاً للخيال الشعري الأصيل. فقد أضفى بجمال كلماته على آلام الواقع آمالاً تُنعش الأرواح، وستظل أشعاره يتردد صداها في وجدان الشعب السوداني وفي قلوب محبيه.
إن فقدان محمد المكي في هذا الظرف التاريخي الدقيق الذي يمر به الوطن يُعتبر خسارة فادحة ليس فقط للأدب، بل للإنسانية جمعاء، حيث كانت كلماته تجسد آمال الوطن وآلامه.
وسيبقى إرث محمد المكي ابراهيم الشعري خالداً في ذاكرة الأجيال القادمة،عبر دواوينه: أمتي ،بعض الرحيق أنا والبرتقالة أنت ،عندما يختبئ البستان في الوردة ،وستظل اكتوبرياته حداء الشعب في ثوراته وانتفاضاته وانكسارته وسلاحه ضد الطغاة والمتجبرين .
رحل محمد المكي ولكن نبضه ما يزال حياً يستمد منه أبناء وبنات شعبنا الزاد في هذا الزمن الغيهب حتى يتم الخلاص من هذا الليل حالك السواد .
ثقته في شعبه وقدراته بلا حدود :
باسمك الاخضر يا أكتوبر الأرض تغني
الحقول اشتعلت قمحاً ووعداً وتمني
والكنوز انفتحت في باطن الأرض تنادي
باسمك الشعب انتصر
حائط السجن انكسر
والقيود انسدلت جدلة عرس في الأيادي
وجاءت قصيدته “سلم مفاتيح البلد” التي نظمها في عهد طغمة الإنقاذ لوحة شعرية معبرة عن الألم والعذابات التي سببها نظام الإخوان لشعب مسالم كريم ،تقول القصيدة :-
عليك الزحف متقدم
وليك الشعب متلملم ومتحزم
يقول سلم
سلم ومابتسلم
رحمت متين عشان ترحم؟
سلم مفاتيح البلد
سلم عباياتنا وملافحنا
مصاحفنا ومسابحنا
جوامعنا وكنايسنا
سلم مفاتيح البلد
تراث أجدادنا سلمنا
عقول أولادنا سلمنا
بنادقنا البتضربنا
الموجهة لي صدورنا
وبرضو حقتنا
سلمنا
سلم مفاتيح البلد
سلمنا الزمان الضاع
ليل الغربة والأوجاع
أحزانا العشناها
مع الوطن العزيز الجاع
سلم مفاتيح البلد
حتهرب وين من الألم الكبير والجوع
من تعليمك المدفوع
ومن شعباً سقاك لبنو سقيتو من الهوان والجوع
وكاسات سمك المنقوع
سلم مفاتيح البلد
حتهرب وين من الذكرى وعذاباتها
ومن لبن الأمومة ومن حساب الرب
حتهرب وين وانت ايدينك الإتنين ملوثة دم
فصيح الدم ينضم وبتكلم يقول سلم وما بتسلم .
رحم الله محمد المكي ابراهيم وتقبله قبولاً حسناً وألهم آله وذويه وشعبه المفجوع الصبر والسلوان .
إنا لله وإنا إليه راجعون .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *