تعيد مدرسة سودانية في ليبيا الأمل للعديد من أطفال النازحين الذين يتطلعون لمواصلة تعليمهم بعد نشوب الحرب في وطنهم وغير القادرين على تحمل تكاليف باهظة بعد فرارهم من بلادهم جراء اندلاع الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وتستوعب مدرسة التكامل السوداني الليبي في مدينة مصراتة ما يقدر بنحو 512 تلميذا نازحا، بعضهم انقطعوا عن متابعة دراستهم منذ نحو عامين.
من بين هؤلاء الأطفال محمد، ابن النازحة تهاني محمد صالح، وهو طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة. وتقول تهاني إن ابنها كان يدرس في السودان وكانت حالته قد تحسنت كثيرا، لكن الأمر انعكس باندلاع الحرب.
وأضافت لتلفزيون رويترز، متحدثة عن أطفالها جميعاً بمن فيهم محمد، “كان يقروا في السودان، وحتى… ممتحنة العالي وكلهم كانوا بيدرسوا في أحسن المدارس والمستويات كويسة، لكن هسا (حاليا) لسه كلهم ما نزلوا نسبة للظروف وكده، وحتى أنا عندي منتجات كتيرة سودانية بأعملها، بأبيعها، بأسوقها عشان أقريهم. وهسا نزلت محمد ده لأنه أكتر واحد متضرر فيهم وحالته خاصة، والباقين قلت متى ما ربنا سهل ليهم بينزلوا وبيحصلوا القراية لأنه هم أصلا ما شاء الله كاملين وناضجين بس هو شوية محتاج”.
وتابعت تهاني قائلة “ولدي ده أصلا من الأول عنده مشكلة في التعلم، فيه صعوبة في الكلام، فكنا بنمشي بيه (إلى) مدني بياخد هناك الجلسات وكان ماشي كويس وتحسنت ظروفه وكان كويس. مجرد ما جا الحرب مع مشاكل الحرب وكده بقى تأزمت نفسيته وبقى ما لقينا محل عشان نوديه يدرس، وتاني حاجة بقت عنده مشكلة بتاعة التبول لا إرادي، مشكلة بتاعة خوف، عدم سمعان الكلام، حتى الحاجات اللي كان بيؤديها زمان يعني وظائفه العادية، يعني كان عادي بيمشي مع خوانه الصلاة الجامع، كان بيمشي المدرسة، هسا الحاجات دي كلها ما بيعملها وبقى مرتبط بي تماما”.
كما هربت السودانية سماح محمد، وهي معلمة، من السودان مع ستة أطفال عبر طريق غير قانوني ووجدت مكانا لها للعمل ولأطفالها للدراسة.
وقالت سماح “والله الحمد لله، يعني أنا سعيدة جدا جدا لأنه وصلنا بأمان الحمد لله من المعاناة اللي عانيناها في الصحراء، الحمد لله رب العالمين، وكان هدفي التاني التعليم. والحمد لله تحصلت على مدرسة وعرضت عليهم العمل الحمد لله ووافقوا أعمل معاهم”.
وتحاول مدرسة التكامل السوداني الليبي مساعدة الأطفال قدر الاستطاعة لمتابعة تعليمهم، ليكون الأمر أيسر بالنسبة لهم عند عودتهم للسودان بعد انتهاء الحرب.
وعن ذلك قال معتز الميرغني عباس، المنسق العام للجالية السودانية في ليبيا ورئيس الجالية السودانية في مصراتة، لتلفزيون رويترز “إحنا نحاولوا بقدر المستطاع إن إحنا نوفروا لهم أبسط أنواع العيشة الكريمة يعني ونحاولوا نوفروا لأبنائنا التعليم والدراسة حتى يتمكنوا من العودة وهم مستمرون في دراستهم أفضل من الانقطاع، لأن هم الآن انقطعوا عامين متتاليين بسبب الأحداث”.
كما توفر المدرسة علاجا نفسيا للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وتقول الطبيبة غيداء عبد الله، المتخصصة في معالجة ذوي الاحتياجات الخاصة في المدرسة، “كمية من الأطفال عندهم الضغط النفسي اللي حصلت لهم هناك من الصدمات بتاعة الحرب، فبدينا كلهم نعمل لهم شنو، الدمج الاجتماعي وتعزيز الثقة بالنفس… وبنطلعهم من النكبة بتاعة الحرب دي، فمنها مشاكل كتيرة وجوا أطفال كتار هسا كلهم اللي في المدرسة موجودين كلهم أطفال جوا من الحرب من السودان، والحمد لله لقوا بيئة كويسة ونحنا قدرنا نشتغل معاهم ونطلعهم من المرحلة اللي كانوا هم فيها”.(رويترز)