دعوات أممية إلى نشر قوة «محايدة»لحماية المدنيين في السودان

دعا خبراء من الأمم المتحدة، اليوم الجمعة، إلى نشر قوة «مستقلة ومحايدة من دون تأخير» في السودان، بهدف حماية المدنيين في مواجهة الفظائع التي يرتكبها الطرفان المتحاربان.
وخلُص الخبراء المكلّفون من قبل مجلس حقوق الإنسان في تقرير، إلى أنّ المتحاربين «ارتكبوا سلسلة مروّعة من انتهاكات حقوق الإنسان، وجرائم دولية، يمكن وصف الكثير منها بأنّها جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية».
وأوصى الخبراء بحظر الأسلحة، وإرسال قوة لحفظ السلام من أجل حماية المدنيين.
وذكر التقرير الصادر عن البعثة والمؤلف من 19 صفحة، مستنداً إلى 182 مقابلة مع ناجين، وأسرهم، وشهود، أن الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» مسؤولان عن هجمات على مدنيين، ونفذا عمليات تعذيب، واعتقال قسري.
وقال محمد شاندي عثمان، رئيس بعثة تقصّي الحقائق بشأن السودان، إنّ «خطورة هذه النتائج تؤكد الحاجة الملحّة إلى اتخاذ إجراءات فورية لحماية المدنيين».
وكان مجلس حقوق الإنسان أنشأ هذه البعثة، نهاية العام الماضي، بهدف توثيق انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في البلاد منذ اندلاع الحرب في أبريل/ نيسان 2023، بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع، بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو«حميدتي».
وأسفرت الحرب عن عشرات آلاف القتلى. وفي حين لم تتّضح الحصيلة الفعلية للنزاع، تفيد تقديرات بأنها قد تصل إلى «150 ألفاً». كذلك، أدت إلى نزوح أكثر من عشرة ملايين شخص داخل السودان، أو لجوئهم إلى البلدان المجاورة، بحسب أرقام الأمم المتحدة. وتسببت المعارك بدمار واسع في البنية التحتية للبلاد، وخرج أكثر من ثلاثة أرباع المرافق الصحية عن الخدمة.
وقال عثمان «نظراً إلى أن الطرفَين المتحاربَين لم يتجنّبا إيذاء المدنيين، من الضروري أن تنشر قوة مستقلة ومحايدة ذات تفويض بحماية المدنيين من دون تأخير».
وأشارت زميلته منى رشماوي إلى أن ثمة نماذج عدة، سواء قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، كما هو الحال في جنوب السودان المجاور، أو قوة تدخل إقليمية تابعة للاتحاد الإفريقي على سبيل المثال.
وأكد هؤلاء الخبراء الذين لا يتحدثون باسم الأمم المتحدة، أن «حماية السكان المدنيين أمر بالغ الأهمية» في هذا البلد الذي يعاني أكثر من نصف سكانه، أي 25 مليون نسمة، من سوء التغذية.
وطالب الخبراء بوقف لإطلاق النار، وأسفوا لتجاهل السلطات السودانية لأربعة طلبات قدمت لها لزيارة البلاد. وكما هي العادة في هذه الحالات، أُرسل التقرير إلى الحكومة للتعليق عليه، غير أنّه بقي من دون إجابة.
وبحسب التقرير، ثبُت أن الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، إلى جانب حلفائهما، «مسؤولون عن انتهاكات واسعة النطاق، بما في ذلك هجمات مباشرة وعشوائية تمثّلت في غارات جوية، وقصف ضدّ مدنيين ومدارس ومستشفيات، وشبكات اتصالات، وإمدادات حيوية من الماء والكهرباء».
كذلك، استهدف الطرفان المتحاربان المدنيين «عبر ارتكاب عمليات اغتصاب، وغيرها من أشكال العنف الجنسي، وتوقيفات وعمليات احتجاز تعسفية، فضلاً عن التعذيب، وسوء المعاملة».
وأوضح التقرير أنّهما ارتكبا ما يكفي من الانتهاكات التي «تشكّل جرائم حرب».
وسلّط الخبراء الضوء على «الهجمات المروّعة التي ارتكبتها قوات الدعم السريع، وحلفاؤها، ضد مجموعات غير عربية، خصوصاً المساليت في الجنينة، وما حولها في غرب دارفور».
وفي هذا السياق، أشاروا إلى جرائم قتل، وتعذيب، واغتصاب، وغيرها من أشكال العنف الجنسي، وتدمير الممتلكات والنهب.
وقالوا «هناك أيضاً دوافع منطقية للاعتقاد بأن الأفعال التي ارتكبتها قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها، تشكّل جرائم كثيرة ضد الإنسانية».
ويأمل الخبراء ، أن يمتد حظر الأسلحة ليشمل كل السودان. كذلك يطالبون السلطات بالتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، وتسليمها الرئيس السابق عمر البشير.
إضافة إلى ما تقدّم، يطالب هؤلاء الخبراء بوضع آلية قضائية دولية مخصّصة للسودان فقط.
وأعربت الخبيرة جوي إيزيلو عن أسفها لأن المأساة التي يشهدها السودان لا تتصدر عناوين الأخبار.
وأوضحت «إنه أمر مؤسف بالفعل، والعالم يحتاج بالتأكيد إلى بذل المزيد من الجهود»، مضيفة «يجب أن يكون هذا في صلب المحادثات الدولية».(وكالات)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *